نعرف جميعا أن الحمل يستمر لتسعة أشهر كاملة تُقسم لثلاثة فصول، فكيف يكون هنالك فصل رابع للحمل؟ وما هو الفصل الرابع للحمل؟
يُعد الفصل الرابع للحمل مصطلح غير شائع كثيراً بين الناس، وقد أطلقه طبيب الأطفال هارفي كارب بعام ٢٠٠٢ على أول ثلاثة أشهر من عمر الرضيع حديث الولادة.
ورغم أن بعض الأمهات لا يعرفن هذا المصطلح إلا أن كل الأمهات والرضع حديثي الولادة يمرون بالفصل الرابع للحمل.
لماذا سُمي بالفصل الرابع للحمل؟
تقول ماريا منتسوري "على خلاف أغلب صغار الحيوانات التي تمشي وحدها وتجري وتقفز منذ مولدها حسب أجناسها، ويكاد كل منها ينفذ أصعب المناورات، يكون الإنسان على العكس من ذلك؛ ولا يأتي إلى العالم بأية إمكانيات".
يأتي الرضيع حديث الولادة إلى هذا العالم غير قادر على الحركة، أو صلب رأسه، أو التواصل بالكلام، يحتاج رعاية كاملة ممن حوله لتلبية احتياجاته الأساسية، بل يحتاج أمه تحديداً فهي أمانه ومصدر غذائه، والوحيدة التي يعرفها منذ أن كان جنيناً برحمها.
فعندما كان الرضيع جنيناً داخل الرحم، كان يعيش بمكان دافئ مظلم، يشعر بحركة الأم فهو يتحرك معها. فلما يخرج الرضيع من الرحم الهادئ لهذا العالم الصاخب، ليعيش حياة مختلفة، فكيف يُمكنه تحمل هذه الأصوات وقد كان يسمع الأصوات كالهمس، وكيف يحتمل التغير في المناخ وقد كان دائما يتمتع بحرارة جسد ملائمة وغير متغيرة، كيف يظل على سريره ثابت بلا حراك وقد كان محمولاً دائماً داخل الرحم.
نستطيع أن نقول أن الرضيع حديث الولادة اعتاد أن يظل محمولاً منذ أن كان جنيناً.
فيحتاج الرضيع حديث الولادة أن تحمليه بين ذراعيك أغلب الوقت، خصوصاً بأول ثلاثة أشهر من عمره؛ لذا سُميت هذه الأشهر بالفصل الرابع للحمل.
سمات الفصل الرابع للحمل
يُعد الفصل الرابع للحمل فترة انتقالية لكل من الرضيع والأم، فالرضيع حديث الولادة يبدأ في التكيف مع الحياة خارج الرحم، كما تبدأ الأم التكيف على كونها أماً. فتُعد هذه المرحلة هامة لنمو الرضيع، واكتمال نمو حواسه، وتكيفه مع العالم حوله، وسيحدث هذا بدعمك ورعايتك.
كما يؤكد الأطباء أن نمو دماغ الرضيع وجهازه العصبي يكتمل بعد مولده، ولنكن أكثر تحديداً خاصة في الفصل الرابع للحمل؛ لذا كلما حظى الرضيع حديث الولادة بالاهتمام وتعرض لمؤثرات بيئته، كلما زادت لديه التشابكات العصبية مما يساعد على نمو دماغ الرضيع وجهازه العصبي بشكل أفضل. فيُفضل الاستجابة للرضيع وعدم تعريضه للتوتر مما يُسبب إفراز هرمون الكورتيزول الذي قد يؤثر على نمو دماغ الرضيع بالسلب.وتعد سرعة الاستجابة للرضيع عند بكائه وتهدئته أفضل لنمو دماغ الرضيع ولصحته؛ ولا تُعتبر سرعة الاستجابة للرضيع تدليلاً مفسداً كما يظن البعض.
ووجب أن ننوه أن البكاء وسيلة الرضيع الوحيدة في هذه الفترة للتواصل معك، لذا يُرجى الاستماع له ومحاولة تخمين ما يزعجه وإزالة السبب، فقد يبكي الرضيع لأسباب عدة كالجوع، والمغص، أو طلباً لحضن أمه.
كيف تجعلين الفصل الرابع للحمل أسهل
يُمثل حضن الأم الملاذ الآمن للرضيع، فهو قد اعتاد دقات قلب الأم منذ أن كان داخل الرحم، ويعرف جيداً رائحة أمه ويتعرف عليها وعلى صوتها، فكل هذا كان ملازماً له داخل الرحم خلال فترة الحمل، وسيكون الفصل الرابع للحمل أسهل إذا حاولنا مجاراة ما كان يشعر به الرضيع عندما كان جنيناً داخل الرحم. بل يذهب الطبيب هارفي كارب لأبعد من هذا ويقول أن الرضيع في الفصل الرابع للحمل يجب أن يعامل كجنين خارج الرحم.
لذا إليك بعض النصائح لمحاكاة الحياة داخل الرحم:
أولاً: يُنصح بالتدفئة الجيدة للرضيع حديث الولادة.
ثانياً: ينصح بملامسة الجلد للجلد، ضعي رضيعك ملامساً لجلدك مباشرة دون حائل، كما يُمكن للأب تطبيق ملامسة الجلد للجلد مع الرضيع لتهدئته وستذهلون من النتائج.
ثالثاً: تُساهم الحركة بتهدئة الرضيع كثيراً، فحمله والتمشية به أفضل ما يُمكن عمله.
رابعاً: تُعد الرضاعة الطبيعية أكثر من مصدر غذاء للرضيع، فالمص اللذي يقوم به الرضيع يساهم في تهدئته، كما أن الرضاعة الطبيعية تُحقق ملامسة الجلد للجلد للرضيع، وتبقيه في حضن أمه كما يريد.
خامساً:يُمكن لحمام ماء دافئ أن يهدئ الرضيع ويساعده على النوم.
سادساً: لف الرضيع بقماشة وذراعاه ملاصقتان لاجسده داخل اللفة أو كما تعُرف بالقمط؛ مما يُشعره بأمان مماثل لشعوره داخل الرحم.
سابعاً: يُمكنك الاستعانة بالشيالة الصحية التي تُناسب الرضيع حديث الولادةمثل شيالة الكنجارو أو السلينج.فيكون حمله أقل مشقة لك وتترك يداك حرتان، ويظل الرضيع يشعر بالأمان بالقرب منك.
ما يهم لا تخافي من تدليل رضيعك وحمله كثيراً، يقول الخبراء أن الاستجابة للرضيع وحمله لفترات طويلة خاصة أول ستة أشهر، تعزز من ثقة الرضيع وتُنشؤه فرداً واثق مستقلاً بالمستقبل.
الفصل الرابع للحمل والأم
تكلمنا كثيراً عن ماهية الفصل الرابع للحمل بالنسبة للرضيع، ولا يمكننا تجاهل أن الفصل الرابع للحمل يُعتبر تحدي عظيم للأم؛ فهي تتكيف على كونها أماً لرضيع يحتاج للرعاية على مدار ٢٤ ساعة، فتُمثل رعاية الرضيع حديث الولادة ضغطاً كبيراً، فعلى الأم أن تهتم بنظافة الرضيع وتهدئته وإرضاعه على فترات قصيرة لمرات كثيرة باليوم.
كما أن الأم في خلال هذه الفترة تتعافى من آثار الولادة والحمل المُجهدان للجسد.
لذا يجب أن ننتبه إلى أهمية دعم الأم ورعايتها بالفصل الرابع للحمل، فالأم تحتاج للدعم وكل مساعدة ممكنة من زوجها وأسرتها وأصدقائها المقربين.
وأول ما يمكن أن نساعد الأمهات به أن نوجه لها النصائح التالية:
أهم نصيحة قيلت لي عن هذه الفترة، لا يجب أن تفعلي كل شيء لرضيعك بنفسك، أطلبي المساعدة حينما تحتاجينها ولا تخجلي، فيُمكن للأب تهدئة الرضيع بحمله أوملامسة جلد الرضيع لجلده، ويُمكنه استعمال إحدى الشيالات الصحية اللتي تُناسب حديثي الولادة ليصبح الرضيع ملاصقاً له أكثر مما يُساعد على تهدئة الرضيع.
وتُعد مشاركة الأب في رعاية الرضيع، وتغيير حفاضه وتهدئته، والقراءة له أو الغناء من أهم ما يُوصي به خبراء علم النفس لتقوية الرابطة بين الرضيع وأبيه.
ونذكر الأب على وجه التحديد لأن بعد الأسابيع الأولى للولادة، لن يبقى سواكما مع الرضيع بالمنزل، لذا إذا اعتاد الرضيع من البداية على والده وتواجده حوله، سيرتبط الرضيع بوالده وسيقبل قضاء الوقت معه أكثر كلما كبر مما يخفف عنك الضغوط.
فعندما تحظين بالدعم والمساعدة الملائمين بالفصل الرابع للحمل، يُمكنك التعافي أسرع والاستمتاع بأمومتك والأوقات التي تقضينها مع الرضيع، فبالرغم من صعوبة هذه الأيام إلا أنها تحمل الكثير من المشاعر الدافئة، وستمضي هذه الأيام سريعاً وستشتاقين لها يوماً ما.